صوم شهر شعبان وبيان فضله والتحذير من البدع المنتشرة فيه .. “أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان” يوميء إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصوم اشتغل الناس بهما عنه فصار مغفولاً عنه وكثير من الناس يتخيل أن صيام رجب أحسن من صيامه لأنه شهر محرّم وليس كذلك
الشكر لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.. أما بعد:
صوم شهر شعبان وبيان فضله والتحذير من البدع المنتشرة فيه
تلك رسالة مختصرة الهدف منها إحياء سنة نبوية كريمة على صاحبها أجدر الصلاة وأتم التسليم، ألا وهي “صوم شهر شعبان” وبيان ذاك، حيث انتشر بين العديد حديث: «إذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلا تَصُومُوا» (سنن الترمذي: 738) ويجهلون ما خلف ذلك من سنن… والصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم شهر شعبان بأكمله أو غالبه كما سيأتي، ونذكر بيان أهل العلم في الجمع بين الأحاديث.. ونذكر ما ورد من فضائل هذا الشهر، أيضاً ننبه على عدد محدود من البدع الشائعة في شهر شعبان.. ثم نذكر الأحاديث الضعيفة الشائعة بين الناس وننبه على بطلانها.. ونسأل الله العلي القدير أن يشملنا بعفوه وغفرانه إنه جواد كريم.. بلغِ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.
سبب تسميته بشعبان:
قال الحافظ: ” وَسُمِّيَ شَعْبَانَ لِتَشَعُّبِهِمْ فِي طَلَب الْمِيَاهِ أَوْ فِي الْغَارَات بَعْد أَنْ يَخْرُج شَهْر رَجَب الْحَرَام، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ”.
استحباب صيام شهر شعبان:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها – قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» (صحيح النسائي: 2176).
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها – قَالَتْ: « لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا»(صحيح النسائي: 2178).
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: « كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلاً» (صحيح ابن ماجه: 1398).