الصبر والحكمة .. !!
وخفت الأجواء وهدأت الأفكار، وجاء المنقريون إلى منزل سيدهم الحبيب قيس بن عاصم، ليستجذبهم أحاديث مختلفة عن الحرب والغزو والموت والغدر والصيد والصيد والسحب الممطرة وجفاف الصحراء، الأبقار والجمال وغيرها من الأحاديث التي يجد فيها أهل الوديان اللذة والمتعة. لأنه ينتشر فيه الكبرياء والحديث الذاتي، مما يرضي طبيعة العربي الأصيل، ويندفع في الحديث، هذا واحد مطوي والآخر منتشر، ويفتخر بالمكانة التي يحتلها في نفوسهم. شعبه، والمكانة التي تتمتع بها عشيرته بين العشائر والقبائل الأخرى ..

كم هو جميل العربي عندما يذكر كل هذه المعاني، تنتفخ رقبته، وتنتفخ رقبته، ويرتفع رأسه بين الرؤوس، فلا تكاد تشعر به وهذه الحالة – إنسان يعيش كما يعيش الناس – أو إنسان يعيش كما يعيش، كأنه ملك ملوك العالم بصفته يطير في الهواء، يلامس السماء، يطير في الهواء، يسبح بين طبقات الماء، ويذهب مع الوحوش و الظباء لا يقدر على شيء ما في الأرض ولا في السماء .. !! هذه طبيعة غريبة تكاد تنفرد به وتجعله يشعر بأنه إنسان له تأثير في هذا العالم وليس قدرًا مهملاً عن حق الوجود .. !! العربي من أعراق الناس، وهذه الصفة لها أثر كبير في مجرى حياته وأساليب عيشه دائما .. !! كان كأن حضور الحاضرين سبب لإبداعه في الكلام وإتقانه لها، حتى أعجب به جميع الحاضرين بإعجاب كبير، وكان مظهره جالسًا بينهم بحب في فناء المنزل، مما أثار الإعجاب. وتوقير.

وبينما كان في هذه الحالة من الصفاء العارم والمتعة الظاهرة، أحضر له رجلين: أحدهما كان مقيدًا والآخر قُتل، ودمه لا يزال حارًا وخشنًا، كأن جسده يصرخ من الظلم، ويصيح. طغيان الانسان وازدرائه بالحياة الغالية والغالية .. ولكن الناس شاركوا وتفاجأوا وكان أعظمهم الإعجاب وشعور غريب سيطر عليهم كلهم ​​خوف وفزع وتشاؤم مؤلم، وكانوا يعتقدون ذلك. ستلقي السماء خطوطًا من النار، وأن الصاعقة ستضرب كل هذه الرؤوس، وأن الزوبعة ستهب قريبًا، وأن العاصفة ستقتحم كل شيء في طريقها، وتأتي على الأخضر والجاف، وأن قيس. سيشن بن عاصم حربا شرسة لن تهدأ ولا تهدأ.

اللهم ان الميت كان ابن اخيه والمقتول ابنه واولهم القاتل .. !! قيس قاتلة ينظر إلى الأفق الواسع .. تجنب بصره من كل إنسان، يشفق عليه، ويحدق فيه، ووجد في هذه الراحة، وفرصة للتأمل لازمه في هذا المأزق الحرج .. غضب مصور له بألوان واسعة من الحلول، وكلها حارة ودماء خام. فتنة وصراع، عداوة عنيدة، أرواح هالكة، أرواح تتدفق على أسنان الغزلان والسيوف … !! ارتجفت بدايته إلى كل ذلك، واضطرب قلبه، وارتجف قلبه، وشعر به ينبض بعنف وبشدة، حتى كاد يسقط ويطير، لكنه تراجع قليلاً، وهز رأسه كما لو يطرد هذه الأفكار السوداء من عقله. وقد فهموا المشاعر التي كانت تدور في روحه، وكان قلبه وقلبه مشوبًا بمشاعر حمراء وحمراء.

لكنه لم ير في كل هذه الوحشية الحمراء، الشهوانية، لإشباع ميوله وإخماد جشعه. بل على العكس وجد فيها لهيبًا مشتعلًا في لهيبها ونارًا تتصاعد في الهواء تعصف بالقبيلة كلها، ولن تتوقف عند هذا الحد، فهناك زوجات غير متسامحات، ويبتلعن ألسنتهن. الدم الحار والنار الحارقة في الصدور، والبغضاء تشتعل في القلوب .. ومن حولهم قبائل كثيرة بأغصان وبطون، ويجب أن يرتبطوا جميعاً بالمعركة .. إلا أن قيس بن عاصم هدأ فجأةً، وصدمه. وجهه يتصبب عرقًا باردًا فارتاح حوله، ومن أتى بساقيه استطاع الكلام وقال: هذا ابن أخيك قتل ابنك .. !! لكنه واصل حديثه وبقي محبًا كما كان والتفت إلى ابن أخيه قائلاً في عتاب: رميت نفسك بسهمك وقتلت ابن عمك .. وصمت ابن أخيه وشعر بموقفه كما هو بالفعل. . واكتفى قيس بذلك، فنظر إلى ابن آخر له بقوة وثبات، وقال: قم يا بني، وادفن أخيك، وفك كتفي ابن عملك.

توقف قيس لبرهة، فما سرعة الأخطار الفكرية في هذه الساعات الصعبة مع رجل ناجح. حل متمرد، أو رؤية مراوغة، وأنه من الضعف يندفع الإنسان إلى هذا الطريق أعمى وأصم، خاضعًا لتلك الرغبات الجائرة والإبداعية، التي تقطع القرابة والتباعد بين الناس، وتحطم صفات الخير والعطاء. الصالحين حتى لا يسحق الغضب إلا القائد، والرأي الجائر رائد. والمظهر الوحشي لزعيم .. !! نعم هدأ قيس وراح شعبه مرتاح بمظهره وكأن عبئا ثقيلا قد رفع عن أكتافهم.

وغيمت سحابة غريبة في الهواء، وانغلقت الألسنة صامتة، وأذهل أهل المنقري بهذه الحكمة السامية التي حفظت لكل هؤلاء الناس من قومه وأهل زوجته دمائهم وأرواحهم وأبنائهم. ونسلهم من بعدهم، لكنهم اندهشوا من قوة الرجل، وحيازته على مقاليد نفسه وتحمله لهذه الطعنات الثقيلة. كاد أن يسير بقلوبهم، وكل مطر ينزل بهم، ويتفهمون نظرة صامتة، لكنهم كانوا بليغين وبليغين، وظهرت بوادر الإعجاب والتقدير على كل وجه