كيفية أداء حج التمتع بالتفصيل وعدد أركانه وواجباته، وهو الحج المشروع للمسلم أن يأتي به في مكة المكرمة تخفيفًا على نفسه من تكاليف السفر ونحوها من العوائق التي تكف الإنسان في كثير من الأحيان عن العبادات العظيمة، لذلك فإنّ موقع محمود حسونة سيقف مع طريقة أداء هذا الحج وما هي أركانه وواجباته بالتفصيل وما هي صور حج التمتع في الشريعة الإسلامية.

ما هو حج التمتع

إنّ تعريف حج التمتع هو أن يحرم الحاج بالعمرة قبل الحج، ثم يحب منها وبعدها يحرم إلى الحج من عامه نفسه، وقد ذكر عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في ذلك قوله: “كانوا يَرَوْنَ العُمْرَةَ في أشهُرِ الحَجِّ مِن أفجَرِ الفُجورِ في الأرضِ، ويجعلون المُحَرَّم صَفَرًا، ويقولون: إذا بَرَأَ الدَّبَر، وعَفا الأَثَر، وانسلَخَ صَفَر؛ حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعتَمَر، فقَدِمَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسَلَّم- وأصحابُه صَبيحةَ رابعةٍ مُهِلِّينَ بالحَجِّ، فأمَرَهم أن يجعلوها عُمْرَةً، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رَسولَ اللهِ، أيُّ الحِلِّ؟ قال: الحِلُّ كُلُّه”.

كيفية أداء حج التمتع بالتفصيل

إنّ كيفية أداء حج التمتع بالتفصيل لا بدّ من معرفتها والوقوف على دقائقها؛ لأنّ أي خطأ من الممكن أن يؤدي إلى فساد المنسك الذي يقوم به المسلم، ولا حجة الآن في الجهل إذ العلم بات قريبًا من الأيدي ولا بدّ من السؤال حتى لا يقع المسلم في الخطأ، وما يأتي سيكون تفصيلاً واضحاً لكيفية أداء حج التمتع

النية

يجب على المسلم الذي يقصد الحج أن يكون مخلصًا نيته في السفر إلى الله تعالى وحده، وأن يأتي بالسنن القولية والفعلية في السفر، فيقرأ دعاء السفر ودعاء الركوب، ويحرص على أن يكون خلقه طيبًا، ويجاهد نفسه بأن يكون بشوشًا سمح الوجه بعيدًا عن القيل والقال ويتمثل أخلاق الصالحين.

الإحرام

إنّ المسلم الذي يريد الحج يجب أن يبدأ حجه بالإحرام، وفي هذا الوقت ينوي الطريقة التي يريد أن يحج بها، وهنا إن أراد التمتع عليه أن ينوي العمرة فقط، ويشرع للمسلم قبل الإحرام أن يغتسل ويتطيب في بدنه فقط فيرتدي الرجل ما يرتديه المحرم من الإزار والرداء وترتدي المرأة ما شاءت من اللباس الساتر، فيبدأ الرجل بالتلبية بصوت جهور أمّا المرأة فإنّها تلبي بصوت خافت بحيث يسمعها فقط من هو بجانبها، وصيغة التلبية هي: “لبَّيك اللهمّ لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”.

الطواف

وهنا يتوجه المسلم إلى المسجد الحرام بعد دخوله مكة المكرمة، ويتوجه إلى الكعبة المشرفة بغاية الإجلال والخشوع والتعظيم لها ويبدأ طوافه من الحجر الأسود، وهنا يطوف المسلم سبعة أشواط وهذا الطواف هو طواف العمرة لمن أحرم سابقًا بحج التمتع، وعلى التمتع أن يقطع التلبية حال بدئه في الطواف، وعليه أن يستلم الحجر حال بدئه بالطواف ويقبله، وكلما تسنى له ذلك – أي يقوم بتقبيله ولمس- من غير التعرض لإيذاء أحد.

ولو أراد السعي بعده فإنّه من المسنون له أن يضطبع في أشواط طوافه كلها ويرمل في الثلاثة الأولى، ومن الاضطباع والرمل أي: “أي أن يظهرَ كتفَه الأيمن خلال طوافه؛ فيجعل رداء الإحرام من تحت كتفِه، وإذا انتهى من الطواف يُعيد رداءَه على كتفِه، كما يُسَنّ له الرَّمَل؛ أي أن يُسرع في المَشي مع جَعل خطوات المَشي قريبة من بعضها”، ومن المسنون له أن يكثر من الذكر ومن الدعاء، ثم إن فرغ من طوافه فإنّه يتجه إلى مقام إبراهيم فيؤدي فيه ركعتي إن استطاع.

السعي والحل من الإحرام

ثم إن أراد السعي بعدها فإنّه يتجه إلى الصفا والمروة من أجل السعي بينهما وهذا السعي يقع عن العمرة للمتمتع، وبعدها يقدم المتمتع على حلق رأسه أو تقصير شعره وهنا يكون قد حُلّ من إحرامه الذي أتى به أولًا.

أعمال يوم التروية

إنّ يوم التروية هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وفيه ينطلق الحجاج إلى منى وهنا يُحرم المتمتع مرة أخرى من أجل حجه بعد أن تحلل من إحرامه الأول الذي نوى العمرة فيه، ويبيتون في منى وذلك اقتداء بالسنة النبوية الشريفة، ويؤدون فيها الصوات الخمسة: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والفجر ويكون هذا هو فجر يوم عرفة، وسمي يوم التروية بهذا الاسم من أجل تجهيز الماء في هذا اليوم لما يليه من أيام.

أعمال يوم عرفة

يسن الخروج من منى إلى عرفة بعد طلوع الفجر، وعرفة كلها موقف للحاج ما عدا بطن عرنة، ويسن للمسلم ألا يدخل عرفة إلا بعد الزوال فيجمع الظهر والعصر جمع تقديم، ثم يقف في عرفة مراعيًا الآداب والسنن ونحوها، ويقبل على الله -تعالى- بقلب خاشع ويتضرع بالذكر والدعاء وقراءة القرآن، ولا يغادر عرفة قبل الزوال.

المبيت في مزدلفة

إذا غربت شمس يوم عرفة فعلى الحاج أن يتوجه إلى مزدلفة من أجل المبيت فيها، ويجمع صلاة المغرب وصلاة العشاء فيها جمع تأخير، وهذا الفعل واجب عند جمهور أهل العلم وسنة عند الإمام أبو حنيفة، ثم يصلي الفجر ويقف بعدها من أجل الدعاء، وهذا واجب عند الأحناف سنة عند جمهور العلماء، ويرى الأحناف أنّه لو نفر لعذر مثل الزحمة أو غيره فلا شيء عليه، ويستمر في وقوفه يدعو الله -تعالى- ويلبي حتى يسفر فينطلق إلى منى، ويستحب للمسلم أن يلقط حجرات الرمي من مزدلفة وعددها سبعون للرمي كله وإلا سبعة يوم النحر.

أعمال يوم النحر

يسن للحاج أن يدفه من مزدلفة إلى منى يوم النحر قبل طلوع الشمس من أجل تأدية أعمال يوم النحر، وهو أكثر الأيام أعمالًا، وعلى المسلم أن يكثر فيه من التلبية والذكر والتكبير، وأمّا أعمال هذا اليوم فهي على ترتيبها:

  • رمي جمرة العقبة: على الحاج في هذا اليوم أن يرمي جمرة العقبة وحدها، وتسمى هذه الجمرة الكبرى، يرميها بسبع من الحصى، ويقطع التلبية مع ابتداء الرمي.
  • نحر الهدي: على المتمتع أن ينحر هديًا وهو أمر واجب عليه وعلى القارن سنة لغيره.
  • الحلق والتقصير: الحلق أفضل في حق الرجال وهو مكروه كراهة شديدة في حق النساء.
  • طواف الزيارة: يكون هذا الطواف بعد الأعمال السابقة كلها، فيرحل الحاج إلى مكة المكرمة ليطوف الزيارة وهو طواف الركن في الحج، وقال العلماء: “إِنْ كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ فَلاَ يَضْطَبِعُ وَلاَ يَرْمُل فِي هَذَا الطَّوَافِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَبْقَ سَعْيٌ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمِ السَّعْيَ فَلْيَسْعَ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَيَضْطَبِعْ وَيَرْمُل فِي طَوَافِهِ، كَمَا هِيَ السُّنَّةُ فِي كُل طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْى”.
  • السعي بين الصفا والمروة: ويكون هذا في حق مَن لم يقدم السعي من قبل.

أعمال أيام التشريق “اليوم الأول والثاني”

في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق أي في اليوم الثاني والثالث من أيام النحر وهي على ترتيبها:

  • المبيت بمنى: يكون المبيت بمنى لليلتين وهو أمر واجب عند جمهور أهل العلم سنة عند الأحناف.
  • رمي الجمرات الثلاث: وهنا يرمي الجمرات الثلاث على الترتيب فبداية الجمرة الأولى أو الجمرة الصغرى وهي أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف بمنى، ثم بعدها الجمرة الوسطى وبعدها الجمرة الكبرى وهي جمرة العقبة، فيرمي في كل واحدة بسبع حصيات، ويدعو ما بين كل حصوتين.
  • النفر الأول: يحل للحاج أن ينفر إلى مكة إن رمى جمرات اليوم الثاني، وتسقط عنه جمرات اليوم الثالث إن هو جاوز منى قبل غروب الشمس عند جمهور أهل العلم، وقبل فجر ثالث أيام التشريق عند الحنفية.
  • التحصيب: يستحب للحاج أن ينزل في مكان يسمى التحصيب حتى يذكر الله -تعالى- فيه ويصلي وهذا عند بلوغ مكة المكرمة.

أعمال ثالث أيام التشريق

هذا اليوم هو اليوم الرابع من أيام النحر الثالث من أيام التشريق، ويجب على الحاج رمي الجمرات الثلاث في هذا اليوم لمن تأخر، ولم ينفر في النفر الأول، وينتهي وقته ووقت الرمي مع غروب شمس هذا اليوم قضاء وأداء، وتنتهي بغروبه كذلك مناسك يوم منى، وهنا يكون النفر الثاني لمّا ينفر كل الحجاج إلى مكة، ولا يشرع البقاء بمنى للحاج بعد ذلك، ويشرع للمسلم النزول في التحصيب للصلاة وذكر الله -تعالى- لو تمكّن من ذلك وهذا مستحب في حقه، ثم يمكث في مكة المكرمة بعد الانتهاء من أعمال منى ما عدا طواف الوداع، فيمكث إلى حين سفره وهو قائد على الذكر والعبادة وقراءة القرآن ونحوه.

طواف الوداع

لو أراد الحاج السفر من مكة المكرمة، فإنّ عليه أن يطوف طواف الوداع، وذلك واجب بحقه على رأي جمهور أهل العلم، ولا رمل في هذا الطواف ولا اضطباع إذ هو آخر عهد المسلم بالبيت المكرم، ثم يصلي ركعتي الطواف، ويأتي إلى زمزم فيشرب منها وهو مستقبل البيت المكرم؛ ومن ثم يتشبث بأستار الكعبة، ويستلم الحجر الأسود إن استطاع من غير أن يؤذي أحد من المسلمين، ثم يسير بعدها إلى باب الحرم ووجهه تلقاء الباب، وهو يدعو الله -تعالى- ألا يكون هذا آخر العهد بمكة المكرمة والكعبة، بل أن يكتب الله له العودة، وأن يدعو الله بالقبول والغفران.

عدد أركان حج التمتع

إنّ أركان حج التمتع هي أركان العمرة بالإضافة لأركان الحج وهي سبع مجموعات حيث يبدأ أولًا بالإحرام من الميقات من أجل أداء العمرة؛ ومن ثم الطواف حول الكعبة، وبعدها السعي بين الصفا والمروة، ثم يحرم مرة أخرى من أجل الحج؛ ومن ثم الوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة.

واجبات حج التمتع

إنّ واجبات الحج بشكل عام هي نفسها واجبات حج التمتع، وواجبات الحج تنقسم إلى قسمين واجبات الحج الأصلية وواجبات الحج التابعة لغيرها، وما يأتي سيكون الوقوف مع واجبات الحج الأصلية:

  • المبيت بمزدلفة: اتفق الفقهاء على أنّ المبيت بمزدلفة هو من الواجبات، وذهب أصحاب المذاهب الثلاثة -أي الشافعية والحنابلة والحنفية- إلى أن زمن الوقوف بمزدلفة هو من الليل.
  • رمي الجمار: أجمع علماء الأمة على أنّ رمي الجمار هو من الأمور الواجبة في الحج، بحيث يُرمى في كل جمرة سبع حصوات.
  • الحلق أو التقصير: إن الحلق أو التقصير هو من واجبات الحج الأصلية، وهو ما اتفق عليه جمهور أهل العلم والفقه، وهو المذهب عند الحنابلة والمالكية والحنفية.
  • المبيت بمنى أيام التشريق: أجمع جمهور أهل العلم من الفقهاء على وجوب المبيت بمنى في أيام التشريق، والقدر الواجب المكث فيه عند الجمهور هو أكثر الليل ومَن تخلف نه فيلزمه الدم، وتفرد الحنفية بقولهم بسنية المكوث بمنى في أيام التشريق.
  • طواف الوداع: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ طواف الوداع هو من الأمور الواجبة وهو ما عليه المذهب الشافعي والحنبلي والحنفي، وقال المالكية بسنيّة طواف الوداع.

شروط حج التمتع

إنّ شروط حج التمتع تتخلص بمجموعة من الأمور وهي:

  • تقديم العمرة على الحج: اتفق الفقهاء على أنّ الإحرام بالعمرة قبل الحج هو من الأمور المشروطة على الحاج حجّ التمتع، وعليه أن يأتي بأعمال العمرة قبل أن يُحرم إلى الحج.
  • العمرة في أشهر الحج: أن تكون العمرة في أشهر الحج المحددة، فلو أنّه أحرم من أجل العمرة قبل أشهر الحج، وأنهاها قبل دخول أيام الحج، فإنّه لا يكون متمتعًا وهو ما اتفق عليه الفقهاء.
  • العمرة والحج في العام نفسه: أي إنّ المعتمر اعتمر في أيام الحج ومن ثم حج في نفس العام، فلو أنّه اعتمر في أيام الحج ولم يحج بل حجّ من عامه القابل فإنّه لا يُعد متمتعًا لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ ۖ وَلَا تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُۥ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِۦٓ أَذًى مِّن رَّأْسِهِۦ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍۢ ۚ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٍۢ فِى ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُۥ حَاضِرِى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ}.
  • عدم السفر بين العمرة والحج: وقد اختلفت الآراء بين العلماء في مسألة الرجوع، فقال الحنفية أنّه يشترط أن يكون طواف العمرة كله أو أكثره مع الحج في سفر واحد، فلو عاد إلى أهله بطل تمتعه وإن كان أكثر الطواف في سفره الأول بطل تمتعه، وقال المالكية يشترط على الحاج ألا يعود إلى بلده أو إلى بلد مثل بلده في البعد عن مكة المكرمة، واشترط الشافعية ألا يعود إلى ميقات الحج لينوي الحج هناك فلو عاد لم يكن متمتعًا، وقال الحنابلة يشترط ألا يسافر بين العمرة والحج سفرًا تقصر فيه الصلاة.
  • التحلل من العمرة قبل أن يحرم من أجل الحج: يشترط على المتمتع أن يتحلل من عمرته قبل أن يحرم من أجل الحج، فلو أدخل الحج على العمرة قبل أن يتحلل يكون قارنًا لا متمتعًا.

سبب تسمية حج التمتع بهذا الاسم

ذكر أهل العلم مجموعة من الأسباب لتسمية ذلك النسك بنسك التمتع وهي:

  • أن المتمتع يتمتع حين أسقط عنه أحد السفرين، إذ يجب في العمرة والحج أن يحرم من الميقات وأن يسافر من قطره، فلمّا سقط عنه واحد من السفرين كان الدم جايرًا لذلك.
  • أن المتمتع يتمتع ما بين العمرة والحج بالنساء والطيب إذ لا بدّ أن يتحلل من عمرته الأولى، وينوي الإحرام للحج مرة أخرى، إذ تدل لفظة التمتع على التلذذ ونحو ذلك.

صور حج التمتع

إنّ لحج التمتع صورتان وهما:

  • الصورة الأصلية: إنّ الصورة الأصلية في حج التمتع هي أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ومن ثم يتحلل من العمرة، ويحرم من أجل الحج بعد فراغه من العمرة، وقد نقل الإجماع على ذلك ابن عبد البر وابن المنذر والقرطبي.
  • الصورة الطارئة: هي أن يحرم بالحج، وقبل طوافه يفسخ حجه إلى عمرة، وبعد فراغه من العمرة يحرم من أجل الحج، وتصح هذه الصورة عند الحنابلة، واختاره ابن تيمية وابن القيم واب عثيمين، وقد ذكر ابن عباس -رضي الله عنه-: “كانوا يَرَوْنَ العُمْرَةَ في أشهُرِ الحَجِّ مِن أفجَرِ الفُجورِ في الأرضِ، ويجعلون المُحَرَّم صَفَرًا، ويقولون: إذا بَرَأَ الدَّبَر، وعَفا الأَثَر، وانسلَخَ صَفَر؛ حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعتَمَر، فقَدِمَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسَلَّم- وأصحابُه صَبيحةَ رابعةٍ مُهِلِّينَ بالحَجِّ، فأمَرَهم أن يجعلوها عُمْرَةً، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رَسولَ اللهِ، أيُّ الحِلِّ؟ قال: الحِلُّ كُلُّه”.

الهدي في حج التمتع

يجب على المتمتع الدم أي عليه أن يذبح إن لم يكن من حاضري المسجد الحرام أو عليه أن يصوم ثلاثة أيام، والدليل على ذلك من القرآن الكريم ما قاله الله -تعالى- في سورة البقرة: {وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ ۖ وَلَا تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُۥ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِۦٓ أَذًى مِّن رَّأْسِهِۦ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍۢ ۚ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْىِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٍۢ فِى ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُۥ حَاضِرِى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ}.

وأمّا الدليل من السنة، فما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: “تمتَّعَ النَّاسُ مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسَلَّم- بالعُمْرَة إلى الحَجِّ… فلمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسَلَّم- قال للنَّاسِ:… مَن لم يكُنْ منكم أهدى، فلْيَطُفْ بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ, وليُقَصِّر, وليحلل ثمَّ لْيُهِلَّ بالحَجِّ وليَهْدي, فمَنْ لم يجِدْ هديا، فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهْلِه”.