هل قيام الليل سرا ام جهرا .. ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر تارة، ويجهر أخرى في قيام الليل، لذلك اختلف العلماء في الأمثل منهما عقب اتفاقهم على جواز الأمرين، والراجح أن ذلك يكون وفق المصلحة

هل قيام الليل سرا ام جهرا

فإذا كانت الإدارة في الجهر بأن يكون محتاجا إليه ليطرد عن نفسه النعاس، أو يكون بجواره من ينتفع بقراءته كان الجهر أولى، ولو أنه بجواره من يتضرر بإعزاز صوته، أو كان يخشى على نفسه الرياء كان الإسرار أفضل، وإذا لم يكن ذاك ولا ذلك فالأرقى التوسط بين الجهر والإسرار.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

ذهب الحنفية والحنابلة حتّى المتنفل بالليل يخير بين الجهر بالقراءة والإسرار بها، إلا أنه لو كان الجهر أنشط له في القراءة، أو كان بحضرته من يستمع قراءته، أو ينتفع بها فالجهر أحسن، وإن كان عاجلا منه من يتهجد، أو من يتضرر بزيادة صوته فالإسرار أولى، وإن لم يكن لا ذلك ولا ذاك فليفعل ما شاء .

قال عبد الله بن أبي قيس : سألت عائشة كيف كانت قراءة رسول الله ؟ فقالت : كل ذلك كان يفعل، ربما أسر، وربما جهر .
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : { كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طورا، يخفض طورا }

وقال المالكية : إن المستحب في نوافل الليل الإجهار، وهو أفضل من الإسرار، لأن صلاة الليل تقع في الأوقات المظلمة فينبه القارئ بجهره المارة، وللأمن من لغو الكافر عند سماع القرآن، لاشتغاله غالبا في الليل بالنوم أو غيره، بخلاف النهار .

وقال الشافعية : إنه يسن في نوافل الليل المطلقة التوسط بين الجهر والإسرار إن لم يشوش على نائم أو مصل أو نحوه، إلا التراويح فيجهر بها . والمراد بالتوسط أن يزيد على أدنى ما يسمع نفسه من غير أن تبلغ تلك الزيادة سماع من يليه، والذي ينبغي فيه ما قاله بعضهم : إنه يجهر تارة، ويسر أخرى .

وقال الشوكاني في نيل الأوطار :

روى أحمد والبزار عن أبي هريرة { أن عبد الله بن حذافة قام يصلي فجهر بصلاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن حذافة لا تسمعني وأسمع ربك } . قال العراقي : وإسناده صحيح .

وفي مسند الإمام أحمد { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال : إن المصلي يناجي ربه – عز وجل – فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن } قال العراقي : إسناده صحيح .

وعن عقبة بن عامر عند أبي داود والترمذي والنسائي قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة } .

ثم قال الشوكاني بعد أن ساق هذه الأحاديث :

وفي الباب أحاديث كثيرة، والذي يؤخذ منها أن الجهر والإسرار جائزان في قراءة صلاة الليل، وأكثر الأحاديث المذكورة تدل على أن المستحب في القراءة في صلاة الليل التوسط بين الجهر والإسرار . وحديث عقبة وما في معناه يدل على أن السر أفضل لما علم من أن إخفاء الصدقة أفضل من إظهارها .