مقالة عن يوم الارض في الاردن 2022 .. يصادف غدا الثلاثاء، الثلاثين من آذار، الذكرى الـ45 “ليوم الأرض”، الذي جاء في أعقاب هبة الجماهير العربية في نطاق أراضي 1948، ضد الاستيلاء على الأراضي، والاقتلاع، والتهويد التي انتهجتها إسرائيل، وتمخض عن هذه الهبّة ذكرى تاريخية سميت بـ”يوم الأرض”.

مقالة عن يوم الارض في الاردن 2022

وترجع فاعليات ذلك اليوم، لسنة 1976، عقب استيلاء سلطات الانتزاع الإسرائيلي على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين ضِمن أراضي عام 48، وقد عم إضراب عام، ومسيرات من الجليل إلى الحفر، واندلعت مواجهات أفضت إلى استشهاد ستة فلسطينيين، وكدمة واعتقال المئات.

يشار إلى أن الشرارة التي أشعلت الجماهير العربية ليوم الأرض، كانت بإقدام السلطات الإسرائيلية على الاستيلاء على نحو21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل، ومنها عرابة، سخنين، دير حنا، وعرب السواعد، وغيرها في العام 1976؛ ولذا لتخصيصها لإقامة الزيادة من المستوطنات، في إطار تدبير تهويد الجليل، وتفريغه من سكانه العرب، وهو الذي أدى إلى إعلان الفلسطينيين في الداخل، وبخاصة المتضررين المباشرين، عن الإضراب العام في يوم ما الثلاثين من مارس.

وفي ذلك اليوم أضربت مدن، وقرى الجليل، والمثلث إضرابا عاما، وحاولت السلطات الإسرائيلية كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى مواجهة بين المدنيين، والقوات الإسرائيلية، كانت أعنفها في قرى سخنين، وعرابة، ودير حنا.

وتفيد معطيات لجنة الاستكمال العليا – الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48- بأن إسرائيل استولت على صوب مليون ونصف المليون دونم منذ احتلالها لفلسطين حتى العام 1976، ولم يبق بحوزتهم إلا باتجاه 1/2 مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك المشردين وأراضي المشاع العامة.

وبذلت إسرائيل جهودا لحجب انطلاق فعاليات نضالية، بل رؤساء المجالس البلدية العربية أعلنوا الإضراب العام في لقاء يوم 25 مارس 1976 في مدينة شفا عمرو.

وجاء أمر تنظيمي “لجنة الحماية عن الأراضي العربية”، التي انبثقت عن لجان محلية في محيط مواجهة عام جرى في مدينة الناصرة في 18 أكتوبر 1975، إعلان الإضراب الشامل، ردا مباشرا على الاستيلاء على أراضي “المل” (مكان رقم 9)، وحظر السكان العرب من النفاذ إلى المساحة، في تاريخ 13-2-1976.

ويشير باحثون على أن الاستيلاء على الأراضي بهدف التهويد وصلت ذروتها مستهل 1976 بذرائع مختلفة، تجد لها مسوغات في “الدستور”، و”مساندة الصالح العام”، أو في تفعيل ما يدري بـ”قوانين الأزمات” الانتدابية.

وكانت أرض “المل” التي تبلغ مساحتها ستين ألف دونم، تستخدم في السنين 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش الإنجليزي طوال الموقعة الدولية الثانية، مقابل صرف نظير استئجار لأصحاب الأرض، وبعد عام 1948 أبقت إسرائيل على نفس الشأن الذي كان سائدا في ذاك العهد، إذ كان يجيز للمواطنين بالوصول إلى أراضيهم لفلاحتها بتصاريح خاصة.

في عام 1956 نهضت السلطات الإسرائيلية بإغلاق المنطقة، بهدف معيشة مخططات بناء مستوطنات يهودية، في إطار مشروع “تهويد الجليل”.

كما كان صدور وثيقة (كيننغ) في 1976/3/1 من قبل متصرف لواء الشمال بوزارة الداخلية الإسرائيلية (يسرائيل كيننغ) وثيقة سرية، سمّيت فيما بعد باسمه، والتي تستهدف إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين، والاستيلاء على أراضيهم، وتهويدها، واحدة من مسببات الاتجاه باتجاه الإضراب.

ودعت وثيقة (كيننغ) في طياتها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل، والنقب، وهذا بالاستيلاء على ما توجد يملكون من أراض زراعية، وبمحاصرتهم اقتصاديا، واجتماعيا، وبتوجيه المهاجرين اليهود المستجدين للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب.

وركزت على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل، وإقامة حزب عربي يعتبر “أخا” لحزب الشغل، ويركز على المساواة والسلام، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الموضوعات العربية، وإيجاد إجماع قومي يهودي في نطاق الأحزاب الصهيونية، بشأن مقال العرب في إسرائيل.

وشددت الوثيقة على ضرورة التضييق الاستثماري على العائلات العربية، عبر ملاحقتها بالضرائب، وإعطاء الأولوية لليهود في فرص الشغل، وأيضاً تقليل نسبة العرب في التحصيل العلمي، وحث التوجهات المهنية لدى الطلاب، وتيسير هجرة الشباب، والطلاب العرب إلى في دولة أخرى وحظر عودتهم إليها.

وكان الرد الإسرائيلي عسكريا شديدا على هبة “يوم الأرض”، بكونها أول تحدٍ، ولأول مرة حتى الآن انتزاع الأرض الفلسطينية عام 1948، حيث دخلت مجموعات جنود مؤيدة من الجيش الإسرائيلي مقواه بالدبابات، والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية، وأعادت احتلالها، معركة شهداء، وجرحى بين صفوف المدنيين العزل، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أفراد، 4 من ضمنهم تم قتلهم برصاص الجيش، واثنان برصاص أجهزة الأمن.

وعلى الرغم مطالبة فلسطينيي 48 إسرائيل إقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش، والشرطة بإعدام مواطنين عُزَّل يحملون الجنسية الإسرائيلية، إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض الكامل، بادعاء أن القوات المسلحة واجه قوى معادية.

وسعت إسرائيل إلى إفشال الإضراب لما يحمل من دلالات تخص بسلوك الأقلية العربية كأقلية قومية ضد موضوع وطنية ومدنية من الدرجة الأولى، ألا وهي موضوع الأرض. حيث عقدت الحكومة اجتماعا دام لأربع ساعات، تقرر فيه تعزيز قوات الشرطة في القرى والمدن العربية للاستجابة إلى الإضراب والمظاهرات. مثلما قامت قيادة تحالف العمال الإسرائيلي ‘الهستدروت‘ بتحذير العمال وتهديدهم باتخاذ ممارسات انتقامية إزاءهم، وقرر أرباب المجهود في محفل لهم في حيفا طرد العمال العرب من عملهم إذا ما شاركوا في الإضراب العام في يوم ما الأرض. ايضا أرسل المدير العام لوزارة المعارف تهديدا إلى المدارس العربية لمنعها من المساهمة في الإضراب.

رغم مرور ( 44 عاما) على هذه الذكرى، لم يضجر فلسطينيو أراضي 48، الذين بات عددهم زيادة عن 1.3 1,000,000 نسمة، بعدما كانوا 150 ألف نسمة فقط عام 1948 من الاحتفال “بيوم الأرض”، الذي يجمعون على أنه أبرز أيامهم النضالية، وانعطافه تاريخية في مسيرة بقائهم، وانتمائهم، وهويتهم منذ كارثة 1948، تأكيدا على تشبثهم بوطنهم وأرضهم.

ولم تكتف السلطات الإسرائيلية بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الذين أُبعدوا عن أرضهم، بل عملت تباعاً على الاستيلاء على ما توجد من الأرض، التي بقيت بحوزة من ظلوا في أرضهم.

يذكر أن إسرائيل استولت طوال السنين ما بين عام 1948، 1972 على أكثر من 1,000,000 دونم، من أراضي القرى العربية في الجليل، والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي التي استولت أعلاها بعد سلسلة المجازر المروّعة، وعمليات الإقصاء القسّروي، التي مورست بحق الفلسطينيين عام 48.

ويحتسب يوم الأرض نقطة تحول بالعلاقة بين (السلطة الإسرائيلية)، والعرب بالداخل، إذ أن إسرائيل أرادت بردها أن تثبت للجماهير الساخطة من هم “أسياد الأرض”، وقد كان ذاك التحدي العلني الجماهيري الأكبر للكيان المحتل من قبل الجماهير الساخطة، باعتقاد الكثير أن “يوم الأرض” شارك بشكل مباشر بتوحيد وتكاثف وحدة الصف الفلسطيني بالداخل على المستوى الجماهيري، بعدما كان في الكثير من الأحيان الماضية نضالا فرديا لأشخاص فرادى، أو لمجموعات محصورة. مثلما كان ذاك الرد بمثابة صفعة وجرس إيقاظ لكل فلسطيني قبِل بالاحتلال الإسرائيلي عام 1948.

ويظن الفلسطينيون أن إحياء “ذكرى يوم الأرض” ليس محض سرد فاعليات تاريخية، بل هو حرب عصرية في معركة متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.

ومنذ العام 1976 أمسى يوم الأرض يوماً وطنياً في حياة الشعب الفلسطيني، داخل فلسطين، وخارجها، وفي هذه الواقعة تشهد تحركات شهيرة فلسطينية متعددة تؤكد وحدة شعبنا، وحقه في أرضه، على الرغم من شراسة الهجمة الإسرائيلية.

وبهذه الواقعة، تطرّقت الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة الأرض المحتلة والمقدسات، في بيان لها، إلى متابعة سلطات الانتزاع انتهاكاتها الجسمية بحق الارض الفلسطينية وكل ما هو فلسطيني.

وتحدث الأمين العام للهيئة حنا عيسى، “ان 45 عاما يجتاز على يوم الأرض والعالم لا يحرك ساكنا، وتأتى هذه الذكرى الخالدة في حضور تصاعد الاستيلاء على الأراضي/ وتشييد وتوسيع المستوطنات في القدس المحتلة والضفة الغربية/ واستهداف الوجود الفلسطيني”.

قامت بوداع المنفعة في تصريحها الى استمرار مقابلة المخططات الإسرائيلية المفيدة إلى تهويد الأرض الفلسطينية وطمس معالمها العربية.