معاهدة لوزان 2023 هل تستعيد تركيا امبراطوريتها بانتهاء معاهدة لوزان 2023 … الملاحظ على يد تتبع المسألة التركي مؤخرا قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وبعدها كثرة ترديد الرئيس رجب طيب أردوغان لعبارة عام 2023 وهو الذي يشير إلى أن الرئيس أردوغان مستبشر كثيرا بذلك الزمان الماضي فماذا يعني عام 2023 فيما يتعلق لتركيا؟
معاهدة لوزان 2023 هل تستعيد تركيا امبراطوريتها بانتهاء معاهدة لوزان 2023
للإجابة على ذلك السؤال يقتضي منا الموضوع العودة إلى الوراء بشكل بسيط والتنقيب في التاريخ، فقبل قرن من الزمن تقريبا شهدت الأمة الإسلامية حدثا مأساويا فظيعا لا ينسى وهو وقوع الإمبراطورية العثمانية التي استمر حكمها لما يقرب ستمائة سنة. إذ أنه حتى الآن خاتمة الحرب الدولية الأولى
تم توقيع معاهدة لوزان في 24 تموز 1923 بين جميع من تركيا من جهة ودول الحلفاء المنتصرة في الحرب الدولية الأولى من ناحية ثانية والتي بموجبها -معاهدة لوزان- لم يحتسب ثمة شيء اسمه الإمبراطورية العثمانية وبالمقابل حلت مكانها البلد التركية القومية العلمانية ولذا كله تم من قبل مؤسس دولة تركيا الجديدة مصطفى كمال أتاتورك.
وقد كان من النتائج المترتبة عن معاهدة لوزان المشؤومة ما يلي:
– إشعار علني علمانية البلد بعد أن كانت خلافة إسلامية عثمانية مباركة.
– مصادرة جميع مبلغ مالي الإمبراطورية العثمانية ونفي السلطان وعائلته خارج تركيا.
– تخلى تركيا عن حقوقها في كل من السودان ومصر وتخليها عن سيادتها على قبرص وليبيا ومصر والسودان والعراق وبلاد الشام بعد أن كانت تلك الدول تحت سيادة الإمبراطورية العثمانية.
– ترسيم حواجز اليونان وبلغاريا مع الدولة التركية.
– اعتبار مضيق البوسفور ممرا مائيا عالميا ولا يحق لتركيا تحصيل أية رسوم.تركيا صارت مهددة أكثر من أي وقت مضى ولها أعداء كثر، ولذا طبيعي بالنظر إلى القيادة العظيم الذي تحرزه عاما حتى الآن عام وفي شتى الساحات
والناظر في تلك النتائج المترتبة عن إمضاء معاهدة لوزان يستنتج أن مصطفى كمال أتاتورك قد هدم جهود سلاطين الجمهورية العثمانية خلال قرون قيام هذه الإمبراطورية العظيمة التي خضع لها الشرق والغرب بجرة قلم، ولكن مع كل ما نهض به أتاتورك بل هيبته لم تسقط ضِمن تركيا إلى يومنا ولعل ذلك كله راجع بما أن يتلذذ به هذا الأخير من كاريزمية في نطاق تركيا وخارجها وخير دليل هو تسميته بأبي الأتراك.
ومن خلال ما أسلفنا الكلام بشأنه من النتائج الوخيمة والمجحفة التي رتبتها معاهدة لوزان التي لا تزال تركيا مقيدة بها حتى انصرام مائة سنة على إمضاء هذه المعاهدة نفهم ما الداعي إلى ترديد أردوغان لعبارة عام 2023 كثيرا، لأن حلول ذلك التاريخ هو زيادة عن يوم عيد بالنسبة إلى دولة تركيا ففي ذلك التاريخ ستتخلص من قيود تلك معاهدة، وكما هدد الرئيس رجب طيب أردوغان دول أوروبا والعالم بأنه بحلول 2023 ستولد دولة تركيا مجددا، بل هل ستكون هذه الولادة عادية وخالية من أية مشكلات؟
لا نعتقد ذلك، لأن لكل إنجاب مخاض ولا بد لإنجاب جمهورية تركيا القريبة العهد التي ستخلف الإمبراطورية العثمانية المنهارة ولو نسبيا من مخاض وصعوبات ومشكلات، ويشهد التاريخ أنه لم تتأسس دولة قوية ومهيمنة بين ليلة وضحاها وبدون مشاكل وصعوبات، وتلك سنة الله في الأرض فقبل تشكيل دولة الإسلام وبنائها ضحى الصحابة بكل غال ونفيس واستشهد منهم من استشهد والعديد من ضمنهم ماتوا ولم يشهدوا ميلاد الجمهورية.
والرئيس رجب طيب أردوغان يعرف جيدا أن الطريق إلى تشييد دولة مسلمة وقوية في شتى الساحات كتركيا لن يكون مفروشا بالورود، لكنه متأكد من تحقيق أهدافه ولذلك يقول: (من تحمل ظفر)
لأنه بلا تحمل لن يتحقق أي شيء، وكيف لا والله سبحانه يحث على الجلَد في مجموعة من الآيات في كتابه ويتوعد عباده الصابرين بالبشرى والنصر والتمكين.
فقد كانت تركيا وما تزال تجابه المشاق والتحديات في طريقها باتجاه الوقوف مجددا، ومن تلك التحديات الانقلابات الفاشلة التي واجهتها والتي كان آخرها هو انقلاب 15 يوليو 2016 الفاشل والذي كاد أن يودي بنظام الرئيس أردوغان لولا فطنة الرجل وذكاؤه في أجدد لحظة إذ دعا شعبه للانخفاض للشوارع عن طريق الفيس تايم.
وفضلا على ذلك التهديدات الخارجية والداخلية التي من داخلها تهديد الإرهاب باعتبار الموقع الجغرافي الحساس لتركيا بتواجدها بين جميع من دولة العراق وسوريا وإيران والتي تعتبر من بؤر الإجهاد النفسي، ونذكر مثال على ذلك تجهيز (بي كا كا) المتعصب الذي يتوعد الأمن القومي لتركيا. ولا ننسى أيضا ما واجه تركيا من تآمر من بعض دول الخليج في مسعى للإضرار بالاقتصاد التركي عبر استهداف الليرة التركية من خلال تجريم السياحة في تركيا عن مواطني تلك الدول، بل أردوغان كعادته تخطى هذه الخدعة بتغيير الأوراق النقدية الأجنبية لليرة وقد ارتفع مؤشر العملة التركية في أعقاب انتصار الرئيس رجب طيب أردوغان بالانتخابات حديثا.
وخلاصة القول ذلك الأمر أن تركيا صارت مهددة أكثر من أي وقت خرج من ولها أعداء كثر، ولذا طبيعي بالنظر إلى القيادة الضخم الذي تحرزه عاما حتى الآن عام وفي شتى الميادين، فتركيا منذ اعتلاء حزب العدالة والتنمية الحكم عام 2002 بقيادة القائد رجب طيب أردوغان أحرزت منجزات عارمة حيرت العالم وبالتالي صرت تشكل تهديدا لكبريات القوى العالمية، حيث أن أردوغان وثب ببلاده من المنزلة 111 إلى المرتبة 16 اقتصاديا وهكذا صرت تركيا في إطار مجموعة العشرين وهي مجموعة تضم أضخم الاقتصادات في العالم تماما، ووصل الناتج القومي لتركيا عام 2013 إلى بحوالي تريليون و100 مليار دولار وهو الذي يساوي الناتج الأهلي لأقوى ثلاث اقتصادات في الشرق الأوسط وهي المملكة السعودية والإمارات وإيران، ومن المنجزات التي قام بتحقيقها أردوغان ايضاً تزايد الإصدار الزراعي والصناعي والتجارة الحرة وهذا بتوفير طقس ملائم للمستثمرين وصعود عدد المؤسسات وغزو تركيا للسوق الدولية بمنتوجاتها.
وفي المجال الصناعي فتركيا صنعت في ظل حكومة مدنية أول دبابة مدرعة وأول ناقلة جوية وأول طائرة من دون تيار وأول قمر صناعي حوار واستطاعت تركيا أن تصنع غواصتين نوويتين بمبلغ ستين 1,000,000 دولار ليس إلا مع الأخذ في العلم أن ثمنهما يساوي 300 مليون دولار، وفي عشر سنوات تم بناء 125 جامعة و198 مدرسة و510 مركز صحي. ولا ننسى مطار إسطنبول الجديد الذي يعتبر من أكبر مهابط الطائرات في الكوكب والذي سيفتتح في شهر تشرين الأول القادم وعدد المساجد التي بنيت في فترة حكم الطيب أردوغان وغيرها من المنجزات العارمة. هذا وتتمنى تركيا لأن تصبح في سنة 2023 من ضمن أشد 10 دول في الدنيا.
الآن نفهم ماذا يعني عام 2023 بالنسبة لتركيا، ولماذا يكثر الرئيس أردوغان ذكر ذلك الزمان الماضي على لسانه، ولماذا يقول: (سنكون خلفا لخير سلف)، لأنه تاريخ الخلاص من قرن من القيود المجحفة ولأنه تاريخ تحري أكبر المنجزات على الإطلاق.. هذا ونطمح إلى دولة تركيا فائضا من التطور والنصر والأمن رئيسا وحكومة وشعبا وأن يرد كيد أعدائها في رقابهم، ونأمل للشعوب العربية الإسلامية النصر والخلاص من الظلم والله المستعان.