خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير وزارة الأوقاف .. الحمد لله. لكن العودة
خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير بوزارة الاوقاف
أول عنصر من كلمات الجمعة المقبل
أولاً: التشجيع على التنافس في الحسنات
لقد أوكلت إلى الإسلام المنافسة في الحسنات والعرق على الطاعة والقرابة، وقد جمعت مقالات كثيرة من القرآن والسنة بين هذا الموضوع.
وتحدثَ سبحانَهُ: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (الحديد: 21)؛ ومدحَ اللهُ تعالى أنبيائَهُ بتلكِ السمةِ الحميدةِ فقالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (الأنبياء:90) وقال حتى الآنَ مَا إطراءَ الموصوفينَ بالأعمالِ الصالحةِ مِن عبادهِ الصالحين: أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (المؤمنون: 61)، وكلفنا بذلك فقال: فانتظروا الخيرات (البقرة 148)، فقال: فليتنافس المنافسون (المطففين: 26). وقال: والأسلاف السابقون هم الذين اقتربوا في جنات النعيم (الواقعة: عشرة – 12). قال ابن القيم رحمه الله: “أول من عمل الخير في الدنيا يسبقه يوم القيامة إلى الجنة”.
وكان – صلى الله عليه وسلم – قدوة أعلى في الإسراع في فعل الخير. عن عقبة بن الحارث – رضي الله عنه – قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فوقه، والسلام في البلدة، وحان وقته. تصل بعد الظهر. نسائه ففزع الناس من سرعته فخرج اليهم ورأى انهن مندهشين من سرعته فقال: ذكرت شيئاً عن عارنا فلم أرده أن يحبسني.، لذلك أجبرتهم على ذلك “.[البخاري].
وخشي النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يحبسه هذا الأمانة يوم القيامة، فأسرع في تقسيمها والتصدق بها.
وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام للتنافس في الحسنات ومنافستهم، فحثهم على التنافس في العبادات كالآذان الصف الأول، وبكر الدعوات، والحرص على العشاءين والفجر. النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا”.(البخاري).
وذلك بلالٌ يسبقُ إلى الجنةِ بوضوئهِ وصلاتهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلاَلٍ : عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ” يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ قَالَ : مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي : أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ.”( البخاري)، أفاد ابنُ القيمِ: وأمَّا تقدمُ بلالٍ بين يَدَي رسولِ اللهِ في الجنةِ: فلأنَّ بلالًا كان يتركُو بالأذانِ فيتقدمُ أذانُه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخله كالخادم والخادم.
العنصر الثاني في خطاب الجمعة المقبل
ثانياً: أبواب الخير صور ونماذج مشرقة
امتلأت السنة النبوية الطاهرة بالعديد من الصور والنماذج في منافسة أبواب الخير في حياة الصحابة الكرام. هذا أبو بكر – رضي الله عنه – الرجل الذي لم يجد طريقا يعلم أن فيه خير وأجر إلا يسير فيه ويمشي فيه، فلما كان الله – صلى الله عليه وسلم – له وجهه وسلم – لرفاقه بعض الأسئلة حول الممارسات اليومية الجيدة. كان أبو بكر الصديق الجواب. قال صلى الله عليه وسلم: مَن منكم صائم اليوم؟ قال أبو بكر: قلت: من منكم اليوم دفن؟ قال أبو بكر: قلت: من أطعم منكم اليوم فقيرًا؟ قال أبو بكر: قلت: مَن عاد منكم اليوم بالعدوى؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (ما اجتمع أحد إلا يدخل الجنة). (رواه مسلم).
مثلما كان أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه له السبقُ، حينما دعوةَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ أعلاه وسلم مِن صحابتهِ أنْ يتصدقُوا، يقولُ عمرُ: ” فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا، فَقُلْتُ: اليَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ماذا تركت لأهلك؟ قلت: مثله، فجاء أبو بكر بكل ما عنده، فقال: يا أبا بكر، ماذا تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله، قلت: لن أسبقه في شيء. (الترمذي وصححه).
ومن هذه الصور ما رواه عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَقْرَأُ، فَقَامَ فَتَسَمَّعَ قِرَاءَتَهُ، ثُمَّ رَكَعَ عَبْدُ اللَّهِ وَسَجَدَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ»، قَالَ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ»، قَالَ: فَأَدْلَجْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لِأُبَشِّرَهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ قال الله صلى الله عليه وسلم: لما طرقت الباب – أو لما سمع صوتي – قال: ماذا قال له الرسول؟ قُلْتُ: جِئْتُ لِأُبَشِّرَكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَدْ سَبَقَكَ أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: إِنْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ سَبَّاقٌ بِالْخَيْرَاتِ، مَا اسْتَبَقْنَا خَيْرًا قَطُّ إِلَّا سَبَقَنَا إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ » ( أحمد وصححه أحمد شاكر).
وروى أبو نعيم في “حياة الأولياء” أن عمر بن البيان رضي الله عنه خرج في ظلام الليل ورآه طلحة فذهب عمر ودخل بيتًا ثم دخل جديدًا. بيت. يأتي إليك؟ قالت: لقد اعتنى بي منذ كذا وكذا وإضافة إلى إحضار ما يصلح لي، ويجنني الأذى، قالت طلحة: أمك تثكل عليك يا طلحة.
ولهذا قال أبو الدحداح الأنصاري، إذ نزل كلام الله: من الذي يقرض الله قرضًا حسنًا ويضاعفه مرات كثيرة؟ [البقرة: 245] ؛ قال للرسول – صلى الله عليه وسلم -: والله يريد منا قرضا؟ والصلاة والسلام المذكورة أعلاه: نعم أبا الدحداح. قال: أرني يدك يا رسول الله. فمده النبي – صلى الله عليه وسلم – بيده. قال أبو الدحداح: أرضيت ربي الجليل لجداري (أي بستمائة نخلة فيها). الدحداح وأولادها، فقال لها: يا أم الدحداح، قالت: لبيك، قال: اخرج من السور: وهو: اخرج من البستان، إني قد أقرضته لربي. القدير والسامي. وفي حكاية: لما سمعته زوجته يناديها، ذهبت إلى أولادها بالتمر يخرج من أفواههم، ويهتزون ما في أكمامهم. تشتهي بتصرفها هذه المكافأة الكاملة والثابتة من الله. فكانت نتيجة هذه التسرع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كم ثمرًا في الجنة (أي: غزيرًا ومعبأ) في الجنة لأبي الدحداح”. [أحمد والطبراني].
وأن أبا طلحة الأنصاري جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله: قال الله تبارك وتعالى في كتابه: لا تصلح حتى تعطي. لما تحب.[آل عمران: 92]وأحب أموالي إليّ البرها، وكانت حديقة يدخلها النبي – صلى الله عليه وسلم – فيظلّ فيها، ويشرب من ماءها. إن الله حيث رآك الله، فقال – صلى الله عليه وسلم -: رش يا أبي طلحة، أي كسب المال، أي ينفع المال.[البخاري ومسلم].