حكاية المرأة التي تخجل من الطيور هي من أجمل الأمثال، وهي تتحدث عن أن المبالغة في إظهار شيء ما غالبا ما تكون كاذبة.

يقال أنه في الأيام الخوالي، وتحديداً في زمن تجارة القوافل، عاش بطل قصتنا وعمل تاجراً، واسمه زيد، وكان زيد يمتلك منزلاً كبيراً به شجرة، وفي ذلك الوقت كان تتميز المنازل بمساحة واسعة وتتكون من جدران من الطوب.

كان زيد يعيش في منزله مع زوجته فقط، وكان متزوجًا منها حديثًا ولم ينجب بعد، وكان يحبها كثيرًا، وكانت تتمتع بدرجة من الجمال.

• قصة قصيرة | حكاية الحاجة سامية وكنتها اللئيم

• قصة قصيرة معبرة | قصة الرجل العجوز مع الرجل القوي

ذات يوم دخل زيد منزله ووجد زوجته قلقة وحزينة فسألها عن السبب فقالت له أن الطيور على الشجرة ترى شعرها (أي أنها بلا حجاب) وأنها يخجلون وينزعجون كثيرا من هذا الأمر.

كان زيد سعيدًا جدًا بهذه الزوجة الشريفة العفيفة، التي كانت تخجل حتى من الطيور، وعلى الفور أحضرت الفأس وقطعها، وكان زيد يشعر بسعادة غير عادية أثناء قطع الشجرة، فما هذه الزوجة الشريفة والعفيفة! إنها ليست مجرد امرأة ولكنها جوهرة.

وعندما حان موعد القافلة، ودع زيد زوجته وخرج لتجارته، وسافر زيد مع باقي التجار في القافلة، لكن هذه المرة كانت تجارته في أحسن حال وأفضل من كان يتخيل.

وهنا فكر زيد في نفسه وقال: لماذا أنتظر العودة بالقافلة ؟! سأعود لوحدي لأستمتع بوقتي أكثر مع زوجتي الشريفة والعفيفة “. وبالفعل غادر زيد القافلة وعاد وحيدًا، واستمر السفر في هذا الوقت لأسابيع في الصحراء.

وصل زيد إلى منزله ليلاً، ثم دخل منزله منسحبًا حتى تفاجأت زوجته بعودته، حيث عاد قبل الوقت الذي أخبرها به كثيرًا، وعندما دخل زيد غرفة نومه وجد زوجته الشريفة والعفيفة في المنزل. ذراعي حبيبها! الصدمة كانت شديدة لزيد، وهل للمرأة التي تخجل من الطيور أن تخون زوجها ؟! ثم أخرج زيد سيفه وقتل كلاهما.

من شدة الصدمة قرر زيد مغادرة القرية والذهاب للعيش في قرية أخرى. وبالفعل أخذ زيد جمله وغادر، ولأن زيد تاجر، كان السوق أول مكان يقصده في القرية الجديدة.

وبعد دخول زيد السوق بقليل، سمع المتصل بالأمير ينادي ويقول: “قتل شيخ التجار، وسرقت أمواله كلها”. انزعج زيد كثيراً عندما سمع ذلك، فهذه أول خبر سمعه زيد في القرية الجديدة.

بعد فترة، رأى زيد شيخًا يمشي بطريقة غريبة جدًا. كان الشيخ يمشي على أطراف أصابعه. تعجب زيد من هذا الشيخ وسأل عنه أحد تجار السوق. فأجابه التجار وقالوا: “هذا الشيخ عابد هو أكثر الرجال تقية في القرية، ويمشي على أطراف أصابعه حتى لا يدوس على حشرة من حشرات الأرض دون أن يشعر بالذنب”. “

ففكر زيد في نفسه وقال: زوجتي الشريفة العفيفة التي تخجل من الطيور اكتشفت أنها خائنة. والله هذا الشيخ الذي يخاف أن يطأ على حشرة الأرض دون أن يدري، هو الذي قتل شيخ التجار وسرق ماله “.

بدأ زيد بالصراخ بأعلى صوته: أريد أن أذهب إلى الأمير لأنني عرفت من قتل شيخ التجار وسرق ماله. يعلم عنها شيئًا، فهذا أول يوم له فيه، ولن يتركه الأمير إذا تبين له كذب كلامه، لكنه أصر على ذلك، فأخذه إلى الأمير، و دار الحوار التالي بينهما.

الأمير: قالوا لي إنك عرفت من قتل شيخ التجار وسرق ماله، وتريد أن تخبرني شخصياً بالأمر، فتكلم!

زيد: “يا مولاي! ومن قتل شيخ التجار وسرق ماله الشيخ عابد.

واستنكر الأمير: “ماذا تقول ؟! شيخ عابد؟ هل انتي مجنونه الشيخ عابد ارقى انسان القرية! لن أحاسبك على كلامك. هذا هو يومك الأول في قريتنا وأنت لا تعرف أحدا “.

زيد: أقسم لك يا مولاي أن من قتل شيخ التجار وسرق ماله هو الشيخ عابد! يمكنك التحقق من ذلك بنفسك “.

– الأمير: استجواب الشيخ عابد ليس أمراً سهلاً، فهو يحظى بمكانة عظيمة بين أهل القرية، وهم بالتأكيد لن يقبلوا مني هذا!

سكت الأمير فترة، وجاءت له حيلة ذكية ليختبر صدق كلام زيد، فقال له: ما رأيك أن أحضر الشيخ عابد وأتحقق معه، وإن ثبتت صحة كلامك. بالنسبة لي، سأمنحك مكافأة مالية كبيرة، ولكن إذا تبين لي أن كلامك كاذب، فسوف أعدمك في ساحة عامة حتى امتص غضب القرويين “. “.

زيد: نعم! أنا موافق!”.

اندهش الأمير من ثقة زيد في كلامه، ثم أمر الحراس بإحضار الشيخ عابد والتحقيق معه بجدية.

أمر الأمير بإخراج زيد من السجن، ووضعه في السجن حتى انتهاء التحقيق خوفا من هروبه. ثم سأله كيف علم أن الشيخ عابد هو الذي قتل شيخ التجار وسرق ماله.

طبعا لم يقل زيد للأمير أنه تعلم الدرس من المرأة الشريفة العفيفة التي كانت تخجل من الطيور، لكنه قال له: “عندما يكون الحديث عن الفضيلة مبالغا فيه فاعلم أنها تستر عليها جريمة كبرى. “

اندهش الأمير من رد زيد، ثم أمره بمكافأة مالية كبيرة كما وعد.