الاحتفال بالاسراء والمعراج من باب التبرك … كان وجود والدي طالبٍ بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم، سياجاً واقياً له يحظر عنه أذى قريش؛ لأنَّ قريشاً ما كانت تود أن تخسر أبا طالبٍ، ولـمَّا تُوفي أبو طالب؛ انهار ذاك الحاجزُ، ونال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من الضَّرر الجسمانيِّ الشيءُ العديد، وقد كانت خديجة رضي الله سبحانه وتعالى عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم البلسمَ الشَّافَي لما يصيب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح النَّفسيَّة الَّتي يُلحقها به المشركون، ولـمَّا توفيت فَقَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذا البلسم.
الاحتفال بالاسراء والمعراج من باب التبرك
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطَّائف بعدما اشتدَّ فوق منه أذى قريش وأمعنوا في التَّضييق عليه، يطلب من زعمائها نصرة الحقِّ الذي يدعو إليه، وحمايته، حتى يبلِّغ دين الله، فما كان جوابهم لكن ردُّوه أقبح ردٍّ، ولم يكتفوا بذلك؛ إلا أن أرسلوا إلى قريش رسولاً يخبرهم بما جاء به محمَّد عليه الصلاة والسلام، فتجهَّمت له قريش، وأضمرت له الشَّرَّ، فلم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول مكَّة سوى في جوار رجلٍ كافر، لقد تجهَّمت له قريش، وأحدقت برسول الله عليه الصلاة والسلام، فزادتْ حزنَه، وهمَّه؛ حتَّى سُمِّي ذاك العام بالنِّسبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام بـ(عام الحزن)، وبعد ذلك كلِّه حصلتْ معجزةُ اللهِ لرسوله، ألاَ وهي: الإسراء والمعراج.
أمَّا هدف هذه المعجزة، فيتمثل في أمورٍ؛ من أهمِّها:
أنَّ الله – عزَّ وجلَّ – أراد أن يتيح لرسوله عليه الصلاة والسلام إحتمالية الاطّلاع على المظاهر الكبرى لمقدرته؛ حتَّى يملأ قلبه ثقةً فيه، واستناداً إليه؛ حتَّى يزداد قوَّةً في مهاجمة سلطان الكفَّار القائم في الأرض، مثلما وقع لموسى عليه السلام، ولقد شاء أن يريَه عجائب تمكنه قال تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هَيَ حَيَّةٌ تَسْعَى قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُوْلَى * وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أخرى ﴾ [طه: 17 – 22] فلـمَّا ملأ قلبه بمشاهدة هذه الآيات الكبرى، قال له بعد ذلك: ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آياتنَا الْكُبْرَى﴾ [طه: 23].