سبب حرب تموز 20226 وماهي حروب حزب الله مع إسرائيل … قوى الصمود أصبحت اليوم كالجسد الواحد، “إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له مختلَف المستخدمين بالسهر والحمّى”. ولن نقول حتى الآن هذه اللحظة “أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض”.

كُتب كثير عن حرب الـ 34 يوماً بين الصمود اللبنانية والعدو الإسرائيلي. في هذه المقالة، نسلّط الضوء على نقطةٍ يكملّ أحياناً إغفالها، في خضمّ تحليل الوقائع الضخمة التي جرت في أثناء العدوان الصهيوني على لبنان، وهي التوقيت.

سبب حرب تموز 20226 وماهي حروب حزب الله مع إسرائيل

الشرارة، التي اندلعت في إثرها المواجهة الجسيمة، كانت يوم 12 يوليو/يوليو، حين اقتحمت قوات خاصة من حزب الله حواجز شماليّ فلسطين المحتلة

وقامت بعملية خطف وقتل لعدد من العساكر الإسرائيليين. التوقيت لم يكن عشوائياً، لكن كان مدروساً ومقصوداً بمراعاة، بحيث يؤدّي غرضاً أساسياً ـ بالإضافة طبعاً الى الهدف المعلَن؛ تحرر الأسرى اللبنانيين ـ هو تخفيف الضغط العسكري الفظيع على قطاع غزة.

فقبل أيام قليلة من عملية حزب الله العابرة للحدود، كانت الصمود في غزة، حركة “حماس” بالضبط، نفّذت عملية عابرة للحدود كذلكً، يوم 25 حزيران/يونيو، أسفرت عن النجاح في خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ونقله إلى داخل مدينة غزة.

جُنّ جنون العدو الإسرائيلي حينها، فقرَّر قصفّ مبادرة عسكرية جوية ـ برية مجنونة على غزة، وبدأ بتدمير البنية الأساسية، عبر قصف محطة الكهرباء وأصول المياه والجسور، وتنفيذ نشاطات اغتيالات لأفراد وقيادات في الصمود، واختراق جدار الصوت، وهدم البيوت وتجريف الأشجار

وإقفال المعابر، وحرم كل اتصال لمدينة غزة بالخارج، وإتلاف المؤسسات الفلسطينية، واعتقال ثلث وزراء الحكومة الفلسطينية وأكثر من 42 نائباً من المجلس التشريعي، والعشرات من القيادات الدينية والمجتمعية وزعماء البلديات المنتخببن… إلخ.

تعدي إجرامي شامل تعرَّضت له غزة بهدف العثور على الجندي شاليط، أو إكراه المقاومة على تسليمه. بدأت غزة تئنّ وتصرخ من وطأة عدوان “إسرائيل”، الذي أطلقت أعلاه مسمى “أمطار الصيف”، وراحت تستنجد بالإخوة العرب طلباً للمساعدة، ولا من مجيب!

في ذروة انهماك العدو الإسرائيلي جنوباً في حربه على غزة، أتت عملية حزب الله المفاجئة والكبيرة، “الوعد الصادق”، عبر حدود لبنان الجنوبية مع القدس المحتلة، والتي أسفرت عن خطف وقتل لـ 8 من عساكر العدو الإسرائيلي وضبّاطه. انقلبت الامور في هذه اللحظة، وتغيّر جميع الأشياء

قرّر العدو بَدءَ حربه الهائلة على لبنان لتدمير حزب الله واسترجاع جنوده المأسورين (القتلى). وهكذا أصبح العدو يحارب في جبهتين، جنوباً وشمالاً، سويا

ومع اشتداد المحفل في لبنان، و بالنظرً إلى إمكانيات الصمود اللبنانية الضخمة هناك، خفّ الكبس الصهيوني على قطاع غزة شيئاً فشيئاً، الموضوع الذي ساعد المقاومة في القطاع على المقاومة والاحتفاظ بالجندي الأسير تملك.

هذا المرسوم الذي اتخذته سياقة حزب الله عبر الهجوم وعدم ترك غزة وحدها، كان في الواقع قراراً مبكّراً للغايةً يقضي بربط الجبهات، بعضها ببعض

ويدلّ على نظرة ووعي تاريخيَّين أينعت ثمارهما في حين نلمسه اليوم من ترابط مختلف جبهات محور المقاومة، أو “حلف فلسطين”، الذي لن يسمح في أعقاب الآن للعدو بأن يستفرد بقوى الصمود في المساحة، كلّ على حدة.

فقوى المقاومة صرت اليوم كالجسد الواحد، “إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له مختلَف المستخدمين بالسهر والحمّى”. ولن نقول بعد الآن “أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض”.