كيفية أداء مناسك العمرة بالتفصيل هو ما سيتناوله موضوع هذا المقال، فقد شرع الله تعالى للمسلمين العمرة، وجعل لها مناسك وأركان لا تكتمل بدونها، وقد أشار أهل العلم إن العمرة هي الحج الأصغر الذي يمكن للمسلم أن يؤديه في أي وقتٍ من أوقات السنة، ويهتم موقع محمود حسونة عبر هذا المقال ببيان ما هي مناسـك العمرة وكيفيـة أدائهـا.

العمرة وحكمها

قبل كل شيء، وقبل الخوض في بيان كيفية أداء مناسك العمرة بالتفصيل لا بدّ من التعريف بماهية العمرة وبيان حكمها في شريعة الدين الإسلامي، فالعمرة في اللغة هي الزيارة والقصد، وفي الاصطلاح الشرعي هي التعبد لله -سبحانه وتعالى- بالطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة والتحلل منها بالحلق والتقصير، وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال: “العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ”،[1] وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها فيما ذهب الفريق الآخر إلى أنها من السنن المستحبة، وليست الواجبة والله ورسوله أعلم.

كيفية أداء مناسك العمرة بالتفصيل

إنّ للعمرة ثلاثة أركان رئيسة وهي الإحرام والطواف والسعي، وغيرها من مناسك الحج فهي سنن مستحبة ومؤكدة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-، ولا بدّ من بيان كيفية أداء مناسك العمرة بالتفصيل فيما يأتي:

الإحرام

إنّ الإحرام هو عقد النيّة للدخول في النسك، وهو من الفرائض التي لا تصلح العمرة بدونها، وفيها تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى وتعظيمه والامتثال لأوامره، وكذلك فيها إظهار المساواة بين المسلمين أجمعين والتذكير باليوم الآخر ويوم الحشر.[3]

شروط الإحرام

إنّ ما يشترط لصحة الإحرام في الحج أو في العمـرة بإجماع أهل العلم هو أن يكون المسلم على الدين الإسلامي الحنيف، وأن يعقد النيّة، فالأصل في العبادات هو عقد النوايا، ولا يمكن أن يكون الإحرام لغير المسلم، والله ورسوله أعلم.

مستحبات الإحرام

ندرج لكم فيما يأتي مستحبات الإحرام في العمرة أو الحج أو ما يطلق عليها سنن الإحرام:[4]

  • الاغتسال: فقد روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: “أتينا ذا الحُلَيفةِ، فولَدَت أسماءُ بِنْتُ عُمَيسٍ محمَّدَ بنَ أبي بكرٍ، فأرسَلَتْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم: كيف أصنَعُ؟ قال: اغتَسِلي، واستَثْفِري بثوبٍ، وأَحْرِمي”.[5]
  • الإزار والرداء: فيستحب للمسلم أن يحرم بإزار ورداء، روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: “سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ بعَرَفَاتٍ: مَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ومَن لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ. لِلْمُحْرِمِ”.[6]
  • التطيب: يسنّ للمسلم أن يتطيب في بدنه قبل الدخول إلى الإحرام، فقد روت السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “كنتُ أطَيِّبُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم لإحرامِه قبل أن يُحْرِمَ، ولِحِلِّه قبل أن يَطوفَ بالبَيْتِ”.[7]
  • الإحرام عقب الصلاة: وفي ذلك روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “صلى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم الظُّهْرَ بذي الحُلَيفَةِ، ثم دعا بناقَتِه فأشْعَرَها في صَفحةِ سَنامِها الأيمَنِ، وسَلَتَ الدَّمَ، وقَلَّدَها نَعلَينِ، ثم رَكِبَ راحِلَتَه، فلمَّا استوَتْ به على البَيداءِ أَهَلَّ بالحَجِّ”.[8]
  • التلبية: وهي أن يقول المحرم: “لبَّيْكَ اللهُمَّ لبَّيكَ، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك؛ إنَّ الحمْدَ والنِّعمةَ لك والمُلْك، لا شريكَ لك”.

محظورات الإحرام

وهي الممنوعات التي لا ينبغي على المسلم أن يقع بها خلال إحرامه، ومنها:[9]

  • أن يحلق المرء شعره، لقول الله تعالى في سورة البقرة: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}،[10]
  • أن يتطيب المرء بعد الإحرام، فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين عن استعمال الطيب في الإحرام.
  • الجماع أو المباشرة في الشهوات في الإحرام لقول الله تعالى في سورة البقرة: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}.[11]
  • قتل الصيد لما جاء في سورة المائدة من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ۗ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ۚ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ}.[12]
  • أن تلبس المرأة النقاب، وأن يلبس الرجل القميص والسراويل.

مواقيت العمرة

المواقيت في العمرة هي الأماكن والأزمنة التي أمرنا الله -عز وجل- ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- للإحرام منها في العمرة والحج، وهي تنقسم إلى:

المواقيت الزمانية

إنّ أداء مناسك العمرة والإحرام لها جائزٌ للمسلم في كلّ وقتٍ وحين، حيث شرع لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العمرة في كل يوم من أيام السنة وكل ليلة من لياليها، ولعلّ أفضل العمرة يكون في شهر رمضان المبارك، فقد روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- في الصحيح من الحديث: “لَمَّا رَجَعَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِن حَجَّتِهِ قالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: ما مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قالَتْ: أبو فُلَانٍ -تَعْنِي زَوْجَهَا- كانَ له نَاضِحَانِ، حَجَّ علَى أحَدِهِمَا، والآخَرُ يَسْقِي أرْضًا لَنَا. قالَ: فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً -أوْ حَجَّةً مَعِي

المواقيت المكانية

أمّا عن المواقيت المكانية للعمرة والحج، فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

  • مواقيت الآفاقي: وهي من كان منزله خارج منطقة المواقيت، وتتنوع هذه المواقيت باعتبار جهتها من الحرم، وهي ست مواقيت:
    • ذو الحليفة وهو ميقات أهل المدينة ومن مر بها.
    • الجحفة وهو ميقات أهل الشام ومن جاء من قبلها.
    • قرن المنازل وهو ميقات أهل نجد.
    • يلملم وهو ميقات أهل اليمن وتهامة.
    • ذات عرق وهو ميقات أهل العراق وبلاد المشرق.
    • العقيق وهو ميقات أهالي ما بعد الشرق.
  • ميقات الميقاتي: وهو ميقات من يسكن بين المواقيت والحرم، كساكني مدينة جدة وقديد وعسفان وبحرة وأم السلم ومر الظهران.
  • ميقات المكي: هو ميقات من كان داخل الحرم، أو كان منزله في مكة.

الطواف

إن الخوض في بيان مناسك العمرة بالتفصيل يدفع إلى ذكر الطواف كأحد أركان العمرة، ومعناه الدوران حول الكعبة على صفة مخصوصة، قال تعالى في سورة البقرة: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.[14] كذلك من أدلة مشروعية الطواف هو ما روته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “أنَّ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به – حِينَ قَدِمَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً. ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا: مِثْلَهُ، ثُمَّ حَجَجْتُ مع أَبِي الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فأوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به الطَّوَافُ، ثُمَّ رَأَيْتُ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ، وقدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي: أنَّهَا أَهَلَّتْ هي، وأُخْتُهَا، والزُّبَيْرُ، وفُلَانٌ وفُلَانٌ، بعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا

شروط الطواف

لا بدّ للمعتمر أن يبدأ طوافه حول الكعبة الشريفة من الركن الذي يكون فيه الحجر الأسود، ومن الشروط الواجبة في الطواف:[16]

  • عقد النية: فقد روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال:” الطَّوافُ حولَ البيتِ مثلُ الصَّلاةِ، إلَّا أنَّكم تتكلَّمونَ فيهِ فمن تكلَّمَ فيهِ فلا يتكلَّمنَّ إلَّا بخيرٍ“.[17]
  • ستر العورة: لا يصح الطواف من غير أن يستر المسلم عورته، وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه-: “بعثني أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ في الحجَّةِ التي أمَّره عليها رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قبل حَجَّةِ الوداعِ في رَهْطٍ، يؤذِّنونَ في النَّاسِ يومَ النَّحْر: لا يحُجُّ بعد العامِ مُشْرِكٌ، ولا يطوفُ بالبيتِ عُريانٌ”.[18]
  • الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر: حيث حرمت الشريعة الإسلامية طواف الحائض لغير عذر، وأجازته فقط عند الضرورة، بينما تطوف المستحاضة ومن به سلس البول ولا شيء عليهما، فيما أجمع أهل العلم على مشروعية الطهارة من الحدث في الطواف.
  • ابتداء الطواف من الحجر الأسود: عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: “رأيتُ رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حين يَقْدَمُ مكَّةَ، إذا استلَمَ الرُّكْنَ الأسودَ أوَّلَ ما يطوف؛ يَخُبُّ ثلاثةَ أطوافٍ مِنَ السَّبْعِ”.[19]
  • أن يكون البيت على يسار المسلم: وهو من الشروط الواجبة في الطواف.
  • دخول الحجر ضمن الطواف: فمن ترك الحجر لا يعتد بطوافه، وفي ذلك روت السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: “ألَمْ تَرَيْ أنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الكعبةَ اقتَصَروا عن قواعِدِ إبراهيمَ؟ فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تَرُدُّها على قواعِدِ إبراهيمَ؟ قال: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْرِ لفَعَلْتُ، فقال عبدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه: لئِنْ كانت عائشةُ -رَضِيَ اللهُ عنها- سَمِعَتْ هذا من رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ما أُرى رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- تَرَكَ استلامَ الرُّكْنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ، إلَّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ، وعنها قالت: سألتُ رسولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عن الجَدْرِ؛ أمِنَ البيتِ هو؟ قال: نَعَمْ”.[20]
  • الطواف سبع مرات: حيث يشترط على المعتمر أو الحاج أن يطوف سبع مرات في البيت الحرام، ولا يجزئه الاستنقاص من ذلك، والله أعلم.
  • الموالاة بين الأشواط: وهي من واجبات الطواف، فهي كالصلاة يشترط فيها الموالاة كسائر الصلوات والله أعلم.
  • المشي في الطواف للمقتدر: فلا يجوز للمقتدر أن يطوف راكبًا إلا في حال العذر الشرعي.

سنن الطواف

أمّا عن سنن الطواف فهي كما صنفها أهل العلم والفقهاء على أنّها تسع سنن، وهي:

  • الاضطباع: وهو أن يتوشّح المعتمر بردائه، ويخرجه من تحت إبطه الأيمن، وهو من السنن التي أكدها الرسول -عليه الصلاة والسلام- للرجال دون النساء.
  • الرّمَل: هو الهرولة والإسراع في المشي مع تقارب الخطى وتحريك المنكبين، وهو سنة للمحرم.
  • استلام الحجر الأسود وتقبيله: فقد روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “أمَا واللهِ، إنِّي لأعلمُ أنَّك حَجَر لا تَضُرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- استَلَمَك ما استَلَمْتُك، فاسْتَلَمَه، ثمَّ قال: فما لنا وللرَّمَل، إنَّما كنَّا راءَيْنا به المشركينَ، وقد أهْلَكَهم اللهُ؟ ثم قال: شيءٌ صَنَعَه النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فلا نُحِبُّ أن نَتْرُكَه”.[22]
  • استلام الركن اليماني: وهو من الأمور المحببة، والركن اليماني هو الواقع قبل ركن الحجر الأسود.
  • الذكر والدعاء خلال الطواف: ومن أشهر الأدعية المأثورة في الطواف: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.
  • تلاوة القرآن الكريم: وهو على وجه الاستحباب مع تفضيل قراءة الذكر المأثور.
  • الدنو من البيت: ذلك لأن أيسر للطائف في استلام الركن وتقبيل الحجر.
  • صلاة ركعتي الطواف: ويكون ذلك خلف المقام بعد الطواف، وهي من السنن المؤكدة.
  • استلام الحجر بعد الانتهاء: وذلك بعد الانتهاء من ركعتي الطواف.

طواف القدوم

وهو من السنن المستحبة للقارن والمفرد القادمين من خارج مكة المكرمة، وقد استدلّ أهل العلم على مشروعيته على ما ورد في الصحيح من الحديث عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: “قَدْ حَجَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أنَّهُ أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بالبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه فَكانَ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به الطَّوَافُ بالبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه مِثْلُ ذلكَ ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به الطَّوَافُ بالبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ مُعَاوِيَةُ، وعَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مع أَبِي الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ فَكانَ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به الطَّوَافُ بالبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ رَأَيْتُ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذلكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ آخِرُ مَن رَأَيْتُ فَعَلَ ذلكَ ابنُ عُمَرَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وهذا ابنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فلا يَسْأَلُونَهُ، ولَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى، ما كَانُوا يَبْدَؤُونَ بشيءٍ حتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُمْ مِنَ الطَّوَافِ بالبَيْتِ، ثُمَّ لا يَحِلُّونَ وقدْ رَأَيْتُ أُمِّي وخَالَتي حِينَ تَقْدَمَانِ، لا تَبْتَدِئَانِ بشيءٍ أَوَّلَ مِنَ البَيْتِ، تَطُوفَانِ به، ثُمَّ إنَّهُما لا تَحِلَّانِ”.[23]

طواف الوداع

وهو من الواجبات على المعتمر والحاج عند الانتهاء من النسك، وقبل الخروج من مكة المكرمة ومما جاء في صحيح أبي داود: “عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: كانَ النَّاسُ ينصرِفونَ في كلِّ وجهٍ، فقالَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- : لا ينفِرنَّ أحدٌ حتَّى يَكونَ آخرُ عَهْدِهِ الطَّوافَ بالبيتِ”.[24]

السعي بين الصفا والمروة

إنّ السعي بين الصفا والمروة هو أن يقطع المعتمر أو الحاج المسافة التي تفصل بين الصفا والمروة سبع مرات في النسك، والصفا هي مكان مرتفع من جبل أبي قبيس، والمروة هو جبل في مكة يدعى جبل قعيقعان.[25]

شروط السعي

ندرج لكم ما اشترطه أهل العلم والفقهاء في السعي فيما يأتي:[26]

  • استيعاب ما بين الصفا والمروة .
  • الترتيب بالسعي بأن يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة.
  • أن يسعى سبعة أشواط.
  • أن يكون السعي بعد الطواف.
  • الموالاة بين أشواط السعي.

أذكار وأدعية العمرة

ندرج لكم جدولاً يحتوي على أذكار وأدعية العمرة فيما يأتي:

أدعية الطواف في العمرة
  • لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
  • أن يختم الطواف بقول: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار”.
أدعية السعي في العمرة
  • اللهم يا ربنا إنا قد أسلمنا وجهنا لك وتوكلنا عليك، فأحسن عاقبتنا في أمورنا كلها، وأجرنا من عذاب النار يوم القيامة يا رب العالمين.
  • ربنا نسألك في هذا المقام أن تؤتي نفوسنا تقواها، وزكها يا ربنا بفضلك فأنت خير من زكاها، اللهم وهب لها من الهداية ما يبقيها على الصراط المستقيم يا أرحم الراحمين.
دعاء نية العمرة
  • لبيك اللهم عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
دعاء الوقوف على الصفا والمروة
  • “لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ”.
دعاء التحلل من الإحرام في العمرة
  • “الحمد لله على ما هَدَانا، والحَمْدُ لِلَّهِ على ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْنا؛ اللَّهُمَّ هَذِهِ نَاصِيَتي فَتَقَبَّلْ مِنِّي وَاغْفِرْ لي ذُنُوبي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وللْمُحَلِّقِينَ والمُقَصِّرِينَ، يا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ، الحَمْدُ لِلَّهِ الذي قَضَى عَنَّا نُسُكَنا؛ اللَّهُمَّ زِدْنا إيمَانًا وَيَقِينًا وَتَوْفِيقًا وَعَونًا، وَاغْفِرْ لَنَا ولآبائِنا وأُمَّهاتِنا والمُسْلِمينَ أجْمَعِينَ”.

شروط وجوب العمرة

بعد الخوض في بيان كيفية أداء مناسك العمرة بالتفصيل قد يتساءل البعض عن شروط وجوب العمرة، وذلك على القول إن العمرة واجبة على المسلم، ولو لمرة في العمر كما أفتى به بعض أهل العلم، وذلك شريطة أن يكون المال الذي سيخرج به المسلم إلى العمرة من الفاضل عن الحوائج الأصلية ونفقة الأهل والأولاد من الأكل والشرب والمسكن، وقد بينت ذلك اللحمة الدائمة في بيان ضابط الاستطاعة للحج والعمرة في فتوى مفادها:[27]

الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن، وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة، أو سيارة، أو دابة، أو أجرة ذلك بحسب حاله، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً، على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه.

سنن العمرة

كذلك الخوض في بيان كيفية أداء مناسك العمرة يدفعنا إلى ذكر سننها التي تزيد للمسلم من الثواب والحسنات، وهي تشمل ما يأتي:

  • الغسل.
  • التطيب قبل الإحرام.
  • لبس إزار ورداء أبيضين.
  • التلبية والذكر عند الإحرام.
  • الإحرام بعد ركعتي فريضة أو سنة وضوء ونحوه.
  • الرمل في الأشواط الثلاث الأولى للذكر، أي الإسراع في المشي مع تقارب الخطى.
  • استلام الركن اليماني.
  • تقبيل الحجر الأسود أو الإشارة واستلامه باليد اليمنى.
  • الدعاء على الصفا والمروة.

الإنابة في العمرة

بيّن الإمام ابن باز -رحمه الله تعالى- حكم الإنابة في العمرة في إحدى فتاويه، والتي نصت على:[28]

يجوز الاعتمار عن الغير كالحج سواء إذا كان ميتًا أو عاجزًا كالهرم والمريض الذي لا يرجى برؤه، يحج عنه ويعتمر، جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟ قال: حج عن أبيك واعتمر، فلا بأس أن يحج عنه.