نصائح العشر الاواخر من رمضان .. فلنستدرك ما غادر بما بقى، وما تبقّى من ليال أرقى ممّا مضى، ولهذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (إذا دخل العشر جر مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) متّفق فوق منه من حوار عائشة رضي الله سبحانه وتعالى عنها.

وفي قصة مسلم: (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره) وهذا يبرهن أن لزوم وفضل تلك العشر من وجوه، أحدها: أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان إذا دخلت العشر جر المئزر، وهذا قيل أنّه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن، وثانيها: أنّه صلّى الله فوق منه وسلّم يحي فيها الليل بالذكر والتضرع وقراءة القرآن وعموم القربات، وثالثها: أنّه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصاً على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة، ورابعها: أنّه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر ممّا يجتهد في حين سواها من ليالي الشهر.

 نصائح العشر الاواخر من رمضان

اغتنم باقي شهرك في حين يقرِّبك إلى ربك، وبالتزوُّد لآخرتك بواسطة قيامك بما يلي:

1- الحذر والتدقيق على إحياء تلك الليالي الفاضلة بالدعاء والذكر وقراءة القرأن وسائر القربات والطاعات، وإيقاظ الأهل ليقوموا بهذا مثلما كان صلّى الله أعلاه وسلّم يفعل، صرح الثوري: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد فى سكون الليل ويجتهد فيه ويُوقف على قدميه أهله وولده إلى التضرع إن أطاقوا ذلك، وليحرص على أن يصلّي القيام مع الإمام حتى ينصرف ليحصل له قيام ليلة، يقول النبي صلّى الله فوق منه وسلّم: (إنَّهُ من وقف على قدميهَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرِفَ كُتِبَ لَه قيامُ ليلةٍ) رواه أهل السنن وصرح الترمذي حسن صحيح.

2- اجتهد في تقصي ليلة القدر في تلك العشر فقد صرح الله تعالى: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ[القدر:3]. ومقدارها بالسنوات ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر. أفاد النخعي: الشغل فيها خير من العمل في 1000 شهر، وقال صلّى الله فوق منه وسلّم (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر ما تقدّم من ذنبه) متّفق فوق منه، وكلامه صلّى الله أعلاه وسلّم [إيماناً]أي إيماناً بالله وتصديقاً بما رتب على قيامها من المكافأة. و[احتساباً] للأجر والمكافأة وهذه الليلة في العشر الأواخر.

كما قال النبي صلّى الله فوق منه وسلّم (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ) متّفق فوق منه، وهي في الأوتار أكثر قربا من الأشفاع، لقول النبي صلّى الله فوق منه وسلّم: (تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ) رواه البخاري، وهي في السبع الأواخر أقرب لقوله صلّى الله فوقه وسلّم: (الْتَمِسُوها في العَشْرِ الأواخِرِ، يَعْنِي لَيْلَةَ القَدْرِ، فإنْ ضَعُفَ أحَدُكُمْ، أوْ عَجَزَ، فلا يُغْلَبَنَّ علَى السَّبْعِ البَواقِي) رواه مسلم. وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث والدي بن كعب رضي الله سبحانه وتعالى عنه أنّه صرح: (إنِّي لأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هي، هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ فوقه وسلَّمَ بقِيَامِهَا، هي لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ) رواه مسلم. وهذه الليلة لا تتعلق بليلة محددة في كل السنوات بل تنتقل في الليالي تبعاً لمشيئة الله وحكمته.

قال ابن قرميد بعد حكايته الأقوال في ليلة القدر: وأرجحها كلّها أنّها في وتر من العشر الأواخر وأنّها تنتقل، صرح العلماء: الحكمة في تخبئة ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها، على عكس ما لو عينت لها ليلة لا قتصر أعلاها، وفوق منه فاجتهد في قيام تلك العشر جميعاً وكثرة الإجراءات الصالحة فيها وستظفر بها يقيناً بإذن الله عز وجل.

والأجر القبض الشهري على قيامها حاصل لمن معرفة بها ومن لم يدري لأن النبي صلّى الله أعلاه وسلّم لم يشترط العلم بها في حصول ذاك الأجر.